" الحياة اليوم " جريدة إلكترونية إخبارية سياسية شامله تقوم على التحليل والرأي ونقل الحقيقة كما هي. تقدم خطابا إعلاميا متزن، ويلتزم بوصلة وحيدة تشير إلى تحرير الإنسان في إطار يجمعنا داخل الوطن كله ولا يعزلنا

نبض للوطن أحمد يوسف التاي المحايدون…الجدار الذي يخفي وراءه ما يخفي (1)
استمعتُ إلى خطبة ذات جمعة، يطلب فيها الخطيب من المصلين الحياد واعتزال هذه الحرب الفتنة، لكنه في نفس الوقت أشار إلى الفظائع التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بحق المواطنين الأبرياء الذين أُخرجوا من ديارهم قسرا، وقد نُهبت دورهم وممتلكاتهم واغتصبت نساؤهم وفتياتهم في كثير من أحياء العاصمة الخرطوم…
عجبتُ لأمره يطلب من الناس الحياد ويستعرض لهم من الفظائع والظلم الذي وقع على المواطنين ما لو وقف السامع حياله محايداً معتزلا لاستحق لعنة الله والملائكة والناس أجمعين،
إذ كيف لذي فطرة ووجدان سليمين أن يقف محايدا ويصمت عن ظلم رآه وعايشه او سمع به، بل هو مطالب أن يدفع الظلم أين ما وُجد، يدافع عن العرض والمال ويحمي المستضعفين ما استطاع لذلك سبيلا..فهل للحياد معنى في هذا السياق..
(2)
في إحدى قروبات الواتساب ، رد أحد المسؤولين ضمن تعليق له بأنه محايد في هذه الحرب..وإذا سألت أحدهم عن المنطق والحجة اللتين استند عليهما في موقفه المحايد، لقال لأن هذه الحرب بين “الجنجويد” و”الكيزان” ..
إذا سلمنا بأن الحرب فعلا بين الطرفين المذكورين، فأي الفريقين أحق بالوقوف معه والإنحياز له، الذي نهب وسلب واغتصب وقتل وشرد ونكل وبغى واستكبر وطغى وأخرج المواطنين من منازلهم وسكن فيها وعاث فيها فسادا، أم الذي لم يفعل بالمواطنين الأبرياء أيًّا من هذه، بل يسعى لإخراج المحتل المغتصب الآثم من المنازل ليعود إليها ساكنوها المشردين النازحين الهائمين على وجوههم بين جحيم الحاجة والعوز، ونيران الجشع واستغلال بني جلدتهم من تجار وسماسرة وأصحاب عقارات، أي الفريقين أحق بالوقوف معه والإنحياز له؟سؤال نطرحه وليجيب عنه المحايدون فقط ، وليجيبوا سرا بعد استفتاء الضمائر، إن كانت لاتزال حية تنبض بالحياة والحياء..
(3)
تخيلوا معي لو لم تحتل الدعم السريع منازل المواطنين والمستشفيات وتنهب وتقتل وتستخدم المدنيين دروعا بشرية،ولو لم ترتكب كل تلك الفظائع التي يندي لها الجبين، ولو لم يسبق تهديد قادتها سكان الخرطوم بحكاية العمارات التي تسكنها الكدايس، والمطر البدون بُراق، والمطر الحصو، واجتياح الخرطوم في خمس دقائق، وتشريد أهلها، واستعداء أهل الخرطوم وخلق منهم خصوما وأعداءا لا ذنب لهم إلا أنهم (خرطوميين جلابة)، تخيلوا لو لم يحدث كل هذا هل ستكون المقارنة صفرية بين الفريقين كما هي الآن.. هذه المقارنة الصفريةبين فريق استحق اللعنة بممارساته وانتهاكاته في اوساط المدنيين، وظلمهم والتنكيل بهم، وآخر لم يغتصب ولم ينهب بنكا أو ممتلكات خاصة أو عامة ولم يحتل منزلا، هذه المقارنة الصفرية سهلت للناس عملية اتخاذ الموقف الصحيح بما يجعل الحياد جدارا يخفي وراءه مايخفي..
(4)
الدعوة لوقف الحرب ليس موقفا محايدا، كما يلتبس على الكثيرين، بل هي وقفة مع الحق، والحق الذي لا يؤخذ بالسيف، يؤخذ بالسياسة والحنكة والقانون، وذلك أفضل الخيارات.. فالقانون لايخلو من قوة وحسم قادرين على الاقتصاص من كل مجرم سواءً أكان المجرم، جماعة أو أفراد..ومن يغتصب حرائر الوطن ويدمر بنياته التحتية، ويشرد مواطنيه ويحتل دورهم ويستخدمهم دروعا وقت الحرب، ليس مؤتمنا على أي شيء ولن يصلح لأي شيء ولا يستحق سوى اللعنة والقصاص..
ومع ذلك نقول نحن مع وقف الحرب، والحلول السياسية التي توقف شلالات الدماء، والتدمير وتقطع الطريق امام التدخلات الأجنبية وتردع الظالم وتقتص منه للمظلوم الذي شُرد ونهبت ممتلكاته، وتعتمد المحاكمات الناجزة لكل من ارتكب جرما…
…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة اخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.