وجه الحقيقة

🔵 كتب مزمل ابو القاسم.. دع عنك الشعب لا ترحل لبغيته، (وعرِّد) فإنّك أنت الهارب (الجاري)..

عندما سنحت لعمر الدقير فرصة مغادرة الخرطوم بنيرانها المستعرة وأفعال جنجويدها القذرة ولَّى الدُبر نحو معبر أشكيت لا يلوي على شيء، متجاوزاً مدناً عديدةً اكتظت بالملايين من النازحين من عاصمة البلاد، فتخطى شندي والدامر وعطبرة وبربر وأبو حمد ومروي وكريمة ونوري وأرقو والقرير ودنقلا والدبة وعبري وكرمة وغيرها.. وصولاً إلى حلفا ومنها إلى معبر أشكيت (بالجابس)؛ من دون أن يحدث نفسه بالتوقف في أيٍ من تلك المدن المكتظة بالنازحين، للاطمئنان على (مولاه الشعب الأسمر).
أدار ظهره للملايين من المعذبين بالحرب، وكان المجد عنده بالفعل (للساتك) التايوتا الجديدة والشديدة التي نهبت به الأرض نهباً نحو مدخل المحروسة، ناجياً بنفسه من نارٍ لها أوار أشعلها حليفهم المجرم الأحمق.. وفي المعبر نفسه كان هناك عشرات الآلاف من النازحين الذين افترشوا الأرض والتحفوا السماء، يعانون ويلات الجوع والعطش والمرض ويشكون لدغات العقارب وقلة العلاج وشحّ المال.. ومع ذلك لم يأبه زعيم السنابل اليابسة لهم، ودفع بوابة المعبر بيده المرتجفة وعبر، مديراً ظهره لهم، لاهياً عن معاناتهم، وراجياً للنفس السلامة!!
عرَّد (ابن الأكرمين) لائذاً بالصمت وما غرَّد، مع أن عيناه رأتا وأذناه سمعتا الفظائع التي ارتكبها الجنجويد في حق الملايين من أهل السودان وعلم ما حاق بأهله وخاصته من أضرار احتلال المنازل بعد نهبها وطرد أهلها منها، والتعدي على المستشفيات ودور العبادة ومراكز الخدمات والمؤسسات العامة والخاصة واقتحام البنوك ونهبها، وتعمد إطلاق سراح الآلاف من عتاة المجرمين من السجون، واقتحام مقار السفارات والبعثات الدبلوماسية والدولية ونهبها، وتوقيف آلاف السودانيين وحبسهم في سجون سرية، وظروف اعتقال قاسية مهينة، وغير ذلك من فظائع الاجتياح التاريخي الذي حدث للخرطوم.. وبالقطع علم زعيم السنابل اليابسة ما حاق بأهلنا المنكوبين في دارفور عموماً، والجنينة (دار أندوكا) بالأخص من تقتيل وتعذيب وترهيب بجرائم حرب اقشعر لها بدن المجتمع الدولي كله، فتبارى في إدانتها وشجبها وتوعد مرتكبيها بالملاحقة والمحاسبة.. ومع ذلك ظل صامتاً عن الحق، شيطاناً أخرس، وعندما همهم ببضع عبارات خجولة وتحدث عن جانب يسير من تلك الانتهاكات حرص على أن يساوي بين الغادر والمغدور، متحدثاً عن قصف الجيش لمنازل المدنيين، من دون أن يوضح للناس حقيقة أن حلفاءهم الجنجويد الملاعين احتلوا تلك المنازل ونهبوها ونصبوا فيها المدافع وحولوها إلى ثكنات عسكرية، فاضطر الجيش إلى قصف بعضها لكف شرها عنه..
عرفناه من لحن القول وسرعة الهرولة إلى معبر أشكيت، وخبرنا موقفه المخزي، وصمته المهين، وشاهدنا كيف حرص حزبه الخائر في مستهل الحرب على إعفاء الجنجويد من تهمة اغتصاب خمسةٍ من حرائر السودان، بجرائم بشعة وثقتها منظمة منع العنف ضد المرأة، عندما نشر الحرب بياناً ينضح بالخبث في موقعه على الفيسبوك، وعلق من كتبوه وزر ثلاثاً من تلكم الاغتصابات على رقبة الجيش، خلافاً لما ورد في بيان المنظمة، وعندما ضبطوا بالجرم المشهود نشروا بياناً آخر، أقرّ كاتبوه بأن اتهامهم للجيش لم يكن دقيقاً ولا محققاً، لكنهم لم يترددوا في تلطيخ وجهه مجدداً باتهامات مماثلة.. بلا تحقيق ولا تدقيق!!
التاريخ يشهد ولن يرحم، والشعب الأسمر يرصد ولن يغفر، فدع عنك الحديث باسمه، بعد أن (سلحت) عليه، وأدرت منكبيك له، وصمتَّ عن إدانة ما فعله به حلفاؤكم الجنجويد.. شياطين العصر الجديد.