وجه الحقيقة

إضاءات في الواقع الجامد/ محمد أدم عربي

إن مرونة القيم الاسلامية في الكتاب والسنة لقادرة على الاستجابة للمستجدات في كل زمان ومكان وهذه هي إرادة الله سبحانه وتعالى أن ختم الرسالات بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالكتاب القرآن الكريم الذي حفظه من التحريف كما حدث للكتب السابقة فقال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) الاية (9) سورة الحجر وهذا يدل على خلود الرسالة . فالرسالة وفهمها تقود الى حرية التفكير واعمال العقل وإطلاق العنان له وفق الضوابط لإستيعاب كل الحالات والإحتمالات وبذلك هو رحمة وارتقاء بمدارك الانسان ويفك اسوار التفكير ، عدد الحرية ويحمي المجتمع من التقلل والتشرزم ولايحتكر الحقيقة والعلم بادعاء شمولية المعرفة الذين يغلقون النوافذ حتى لمجرد التفكير في الإجتهاد واعمال العقل واطلاق العنان له ليبتكر . إنه لمركب نقص قصد منه خلق طبقة تحتكر الفكر والاجتهاد ليكون حصرياً عليها فوضعوا الحواجز الخرسانية السميكة لتحول بين المفكرين وابدعاتهم .

إن الناظر للمجموعات السلفية التي جعلت من قادتهم مراجع وقدسية هالة تمنع الإقتراب منهم أو الحديث عنهم . ابن تميمة ،ابن القيم ، والالباني كمرجعية في علم الحديث ثم علماء السعودية العثيمين وبن باز ومحمدعبدالوهاب . إن لكل عصر رجال . هل يعتقد هؤلاء أن الزمان لايجود بمثل هؤلاء وهل جمد الفكر والعقل وعقرت حواء ؟؟!! . الألباني الحجة من أين إستقصى علمه ؟! هل جاء بجديد الم يقتفي أثر من سبقوه !! مالي أرى أن الحديث وعلومه تنتهي بالالباني كمرجع في علم الحديث . الم يضّعف أحاديث في صحيح البخاري ومسلم ؟؟ . إن التعصب الأعمى لهؤلاء وإشتراط معايير للمجتهد لهي أحدى مصائب الامة . ان للدين ثوابت فهم ولغة و لكنه متحرك يكره الجمود وإن المستجدات الأنية تستدعي الإجتهاد الذي يتجاوز الماضي وينظر بعمق في مستجدات الحاضر والتحديات والممارسات السياسية والفكرية اليوم . ان الحرية وفتح النوافذ في الإجتهاد تعيننا على اللحاق حتى نكون في مستوى إسلامنا وفق عصرنا في إطار مصادرنا القرآن والسنة . من هنا لابد للتطرق الى أمر هام هو لاكهنه باسم الدين كما كان في عصر الكنيسة في العصور الوسطى وسيطرتها حتى ولدت شكوك .. .اذن التحرير المتبقي في الاساس هو إلغاء الواسطة بين الله والانسان وعدم وجود طبقة تطلق على نفسها أو يطلق عليها رجال الدين الذين يحتكرون الصلة بالله بل يدعون إنهم وكلاء الله في الارض يتحدثون باسمه . وهذا لايقل عن الكفر في خطورته .بالله كم في بلادنا أمثال هؤلاء الذين غيبوا العقول وغسلوا العقول ( Brain wash ) . حتى الولد لايسأل منه . الله خالق الانسان والكون حتى الولد يعطيه الكاهن الدجال . قال تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الايات (49-50) سورة الشورى . (أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ (58)( أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) ) سورة الواقعة .

إن أولى مطبات عقيدة التوحيد هي تحرير الانسان وواقعه من كل انواع التسلط والظلم والفسق ونسخ والغاء الكهنة والالهة بكل أشكالها تحرير الانسان وإسترداد الانسانية واساس حريته وخلاص عقله من الخرافات والاساطير والخوارق ، وخلاص الضمير من الذل والخنوع والعبودية والانكسار لاحد غير الخالق الذي يعني القوة المطلقة بكل خصائصها وصفاتها . فهي عقيدة التحرير والخلاص من الظلم والفساد والاستبداد وتسلط الانسان على أخيه الانسان تحت شعارات متنوعة وبأساليب ووسائل شتى ، ذلك ان تاريخ البشرية كان ولايزال مثقلاًبالظلم والقهر والاستعباد والاستبداد والطغيان ، وهذا التحرير هو ماجاء به الاسلام وهذه خصائص الدين ( جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد الى عبادة الواحد رب العباد ومن جور الدنيا الى سعة الأخرة ) ربعى بن عامر ذكرها بن كثير في البداية والنهاية .

إن الغاء طبقة رجال الدين والواسطة بكل أشكالها بين الله والانسان هي من أعظم عطاءات عقيدة التوحيد أو قل عقيدة التحرير ذلك ان الغاء هذه الطبقات والواسطات هي التحرير والتحرر .

ان تجديد معاني الدين في النفس والمجتمع والحياة ليتجدد الانسان ويولد من جديد هي العبادات جميعها فاذا توقف التجديد والتغيير والتفكير بالارتقاء تحولت التعاليم الى تقاليد وأسوار وقيود ورموز ورسوم فاقدة للمعنى تحركها العادة وتغيب عنها العبادة والعبودية على الرغم من وجود شعاراتها على الألسنة وفي العبادات فشهادة ان لا اله الاّ الله تعلن كل يوم خمس مرات من أعلى المنابر لكنها في الغالب لاتلامس إلا اسماعاً نائمة غير فاعلة ولامنقولة اذن التجديد والتزود بمعانيها مطلوب دائماً للحافظ . والتجديد لايختصر على الاجتهاد في الجانب التشريعي وايجاد حلول شرعية جديدة وأقعية شرعية جديدة . انما التجديد الحقيقي والتجدد يمتد حول اعادة بناء العقيدة الصحيحة والوعى بها وإدراك أبعادها وإستعادة دورها في الحياة

إن العقيدة لاتحتاج الى تجديد فهي العقيدة في كل زمان ومكان ولكن يعترى العقيدة الكثير من الغبش فتغتر فاعليتها ، وينكمش دورها ، وتنبت حولها الكثير من البدع والخرافات .ويتسرب الى أصحابها الكثير من الفكر المعوج ، وتنسج حولها الكهانات الدينية ، وكل ذلك بحاجة الى تنقيه من شوائب الكهنة وأدعياء القرب من الله أو أولياء الله . بيد ان الأية واضحة المعالم في وصف وتعريف الولي ( الاّ إن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون ) . الايات (62-63) سورة يونس . أينما كانت التقوى ممزوجة بالايمان المطلق كانت الولاية شروط ميسرة جداً متاحة لأي إنسان هذه من نعم الله على المسلمين .

العقيدة وما إعتراها من البدع والخرافات من مثل الاستعانة بالقبور، والصالحين، والتوسل اليهم وطلب الشفاعة منهم وكل صور التخلف والإنحطاط من علل التدين . كل ذلك يحتاج الى جهد وغربال خشن وناعم وكل ذلك سبب الجهل وقبضة وإغلاق غرف المعرفة الاّ عبرهم وبفكرهم الضال الشاذ ذلك إنهم يجنون من ذلك مصالح إجتماعية وإقتصادية وأيضاً سياسية ان تجديد الدين الوارد في الحديث ( ان الله يبعث لهذه الامة على راس كل مائه سنة من يجدد لها دينها ) ( اخرجه ابوداود ) انما ينصب في الدرجة الأولى على تجديد معاني العقيدة وابراز أبعادها من النفس والحياة والمجتمع والدولة والعالم . أعجبني حديث أحدهم في تقريب معنى التجديد فقال ( طلاء الغرفة تجديد ، نفض الغبار عن السقف ليكون اكثر مضاءاً تجديد ،و الذهب صهره يزداد بريق ولمعان فهو تجديد ) هكذا يكون التجديد المذكور في الحديث وأهميته . الشيخ الدكتور حسن الترابي رحمه الله إعتبره أحد المجددين . وقد أوضح رحمه الله في كتبه ومنها تجديد أصول الفقه . وآخرون سبقوه الأمام الغزالي والأمام ابوزهراء وغيرهم .
Arabi123018340@yahoo.com