وجه الحقيقة

رؤي واصله عباس مستشفي الكُلي بمدني ،، كتر خيركم

كانت خطواتي نحوها ، يشوبها الحزن ، والقلق والخوف من تكرار المصير السابق ، كنت ألمح بين أركانها صورة أخي حامد (رحمه الله ) ، الذي جئنا به ولاية الجزيرة يحدونا الامل أن نعيد العافية والصحة الي بدنه العليل ، ففي كل موقع في مستشفي أمراض وجراحة الكلي بود مدني، كانت صورته وهو يتألم من مرض الفشل الكلوي، كانت ايام قاسيات لازالت تتوسط ذاكرتي وماصاحبها ، حتي قضي الله أمره ، ليكون الموت نهاية وجعه ، وألمه ، وبداية لفراق وحزن يعتصر القلب ، بفقدي لأخي بعيدا عن أبناءه ، وتكون تربته في ود مدني وتلك ارادة الله ولاراد لقضاءه ، وشاءت الإرادة أن تُعاد ذات المشاهد عبر شقيقتي (حميدة) الزاهدة التقية ، بعد أن عانت ويلات الحرب وحصارها للسكان في الخرطوم ، فكانت سلبيات تلك الأيام الحسوم ، ان دفعت بنا الي ماكينات الغسيل الكلوي للمرة الثانية، ، لتجعلنا نستعيد معاناة فقدنا الجلل ، أخي حامد (رحمة الله تغشاه) ، ماشاهدته في طاقم المستشفي أثناء عملهم ، يجعلني أشهد لهم بالتفاني ، فالناظر إليهم تحسب كأن ظهورهم علي وشك الانحناء ، من شدة الحمل الذي كان ثقيلا ثقيلا ، ولكن مارأيت وأشهد الله علي ذلك ، فقد كان الجميع في حالة حركة دوؤبة ونشطة ، وروح شباب تملأهم بالحماسة والاحساس التام بالمسئولية ، وردهات المستشفى يزرعونها جيئة وذهابا فالكل مشغولا بأداء واجبه ، وفي المقابل حقوقهم المالية منقوصة لايستمتعون بها الا بعد أن تفقد قيمتها في حينها ،، تتعطل احتياجاتهم بسبب العدم ، ولكنهم يعملون في ظروف بالغة التعقيد ، وقد لايجدون من متلقي الخدمة التقدير لهذا الصنيع الإنساني ، قبل ان يكون واجبهم ، المستشفى عليها ضغط كبير من وافدي الولايات ، سيما الخرطوم التي رمت بكل ثقلها علي الجزيرة ، وقاسمتها كل تفاصيلها حتي الخاصة ، لهذا تفتقر المستشفي الي المعينات والمستهلكات الحيوية التي تدفع بعجلة العمل قدما ، ولهذا تسعي المستشفي الي تدارك ذلك الأمر بالاستعانة بمواردها الداخلية ، والاعتماد علي مدخلات المستشفي المالية التقليدية ، التي ليس لها أثر كبير في ترميم الحوجة من توفير خدمات الكهرباء والماء ، وبقية المتطلبات اليومية، لهذا تحتاج مستشفي أمراض وجراحة الكلي بود مدني الي وقفة قوية من وزارة الصحة الإتحادية والمنظمات العاملة في الحقل الصحي الي المساندة العاجلة والمستمرة ، والمتابعة ورفعها درجات أعلي من الاهتمام، فهي تقف موقف المحاربين في المعركة، ، سيما وقيادتها والقائمين علي أمرها كوادر يشار إليهم بالبنان وكفاءات علمية مؤهلة.

رؤي أخيرة

من لايشكر الناس لايشكر الله، ، وهي شهادتي لله أن شكرا مستشفي أمراض وجراحة الكلي بود مدني، ، رغم الألم.